أثار قرار حركة مجتمع السلم “حمس” القاضي بالعودة إلى أحضان التشكيلة الإدارية للبرلمان ردود فعل بالغة داخل الصف الحزبي وفي المحيطين السياسي والشعبي خاصة بعد عتبة الخطاب “الراديكالي” الذي اتصفت به الحركة منذ الشرارة الأولى للربيع العربي، ووصفها للبرلمان الحالي بـ “الهش” واتهام النظام الحالي بالتزوير ومصادرة إرادة الشعب الذي اختار “التغيير” حسب أبجديات البيت الإسلامي.
وكان القرار القاضي بالعودة إلى هياكل البرلمان مفاجئا للجميع بما في ذلك القيادات الوسطى للحزب، بالأخض أن الحركة بررت ذلك بفقدان المعلومة السياسية وبعدها عن مصدر التشريع بقرارها عدم المشاركة في هياكل المجلس الشعبي الوطني، غير أن هذا التبرير لم يقنع العديد من الفعاليات السياسية والشعبية لما فيه من ركاكة وبراغماتية لم تتعود عليها الحركة، بل حتى أن التبرير غير منسجم تماما مع إيديولوجية الحركة التي تعتقد أن البرلمان مجرد هيكل من دون روح وأن السلطات متمركزة بيد رئيس الجمهورية دون غيره.
وعليه، ومن زاوية أخرى – حسب رأيي – الأمر لا يخلو من 4 أسباب (أحدها أو كلها)
1- الحركة تريد الاقتراب من التيار الوطني لسد المجال أمام التيار الفرونكو-ليبيرالي، وهي بذلك اختارت التخندق مع الجناح الأكثر قربا من إيديولوجيات حركة مجتمع السلم داخل منظومة الحكم، خاصة عقب “الطرد المذلّ” لمستشار رئيس الجمهورية ورجل الثقة لديه السيد عبد العزيز بلخادم، وهو أحد رموز التيار الوطني المحافظ.
2- تعزيز النفوذ المالي والسياسي للحركة، خاصة بعد تخليها على حقائبها الوزارية منذ التعديل الوزاري الذي عقب ثورات الربيع العربي.
3- إرسال رسالة تطمين إلى الفاعلين السياسيين والعسكريين في البلاد أن الحركة تقبل باللعبة السياسية والمناورة داخل الأسوار التي يحددها النظام دون التوجه إلى التطرف في المعارضة.
4- قطع الطريق أمام المنافسين السياسين للحركة خاصة من الإسلاميين على غرار حركة التغيير وحركة البناء الوطني وحتى تجمع أمل الجزائر.
الأيام القليلة القادمة ستؤكد حتما هذه الفرضيات في ظل ضبابية قاتمة يظهر عليها المشهد السياسي الجزائري في واحدة من أعقد الظروف التي تمر بها البلد.