التحالف الرئاسي بالجزائر يتصدع

التحالف الرئاسي يتصدع

يبدو أن فوز الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية في الانتخابات في تونس والمغرب ومصر بدأ يلقي بظلاله على المشهد السياسي في الجزائر
في خطوة متوقعة يرتقب أن يعلن التحالف الرئاسي عن نهايته، وتأتي هذه الخطوة بعد تباين شديد في الرؤى السياسية نشأ بعيد انطلاقة شرارة الربيع العربي من الخضراء تونس.وقد شكل التحالف الرئاسي والذي يضم أكبر ثلاثة أحزاب جزائرية (حركة مجتمع السلم -إسلامي معتدل، والتجمع الوطني الديمقراطي -علماني يميني، وحزب جبهة التحرير الوطني -يميني وطني) لترشيح السيد عبد العزيز بوتفليقة والعمل على إنفاذ برنامجه منذ سنة 2004. وسيطر التحالف على الساحة وغلق اللعبة السياسية عن المعارضة، وتصدر عناوين الصحف وبسط نفوذه على الإعلام الثقيل.لكن سرعان ما تهاوى التحالف بعد ثورة الياسمين لتختلف رؤى الأحزاب المشكلة له. فبينما التزم حزبا التجمع والجبهة بالموقف الرسمي الداعم لزين العابدين بن علي، اختارت حركة مجتمع السلم الاصطفاف مع ثوار تونس، وتكرر الأمر نفسه خلال الثورة المصرية والثورة الليبية التي أطاحت بالعقيد المقرّب من السلطات الجزائرية.

وكان امتناع نواب حركة مجتمع السلم عن التصويت لصالح قانون الأحزاب ومعارضة قانون الانتخابات بمثابة دقّ المسمار الأخير في نعش التحالف.

ويطرح الحزب الإسلامي نفسه بديلا عن السلطة القائمة في البلد خاصة أنه يحمل نفس الإيديولوجيات التي يحملها حزب النهضة التونسي المنتشي بصدارة إنتخابات المجلس التأسيسي، وحزب العدالة والتنمية المغربي الذي نجح في تشكيل الحكومة بعد فوزه في الانتخابات التشريعية، وحزب الحرية والعدالة المصري الذي يواصل تحطيم الأرقام الخيالية في انتخابات ما بعد مبارك!

ويتابع الشارع الجزائري عن كثب هذا التصدّع معتبرا إياه أول الغيث، ومقدمة لانعكاس الجوار المغاربي على الفعل السياسي في الجزائر، وأول بشارات الربيع العربي. فالتحالف الرئاسي طالما لعب دور ماصّ للصدمات خلال ما عاشته الجزائر من أحداث غليان إجتماعي وسياسي.

في انتظار ما ستسفر عنه الأيام القليلة القادمة، تتجهز العديد من الأحزاب تحت التأسيس لتشكيل تحالفات لمواجهة أحزاب السلطة خلال انتخابات ربيع 2012، ويبدو أن الجزائر ستحذو حذو جارتيها تونس والمغرب وأختها الكبرى مصر في اختيار اللون السياسي الذي سيقود البلد في عصر الشعوب!

حصان طروادة الأنثوي

قامت السلطة الجزائرية مؤخرا بتعديل قانون الأحزاب، وصادق مجلس النواب بالأغلبية في ال6 من ديسمبر 2011 على تلك التعديلات، في ظل امتناع نواب بعض التيارات السياسية عن التصويت.
أثار قانون الانتخابات الجديد حفيظة العديد من الأحزاب الجزائرية، بما في ذلك تلك الاحزاب المنضوية تحت جناح السلطة وذلك لما جاء في طياته من تدابير ظاهرها توسيع التمثيل الفئوي وباطنها تمييع اللعبة السياسية وإرساء قواعد أكثر قابلية للتحكم في المجالس المنتخبة مستقبلا.أبرز ما حمله القانون الجديد، تدابير إجبارية لتمثيل المرأة في القوائم الانتخابية. فقد ألزم القانون أن تحوي أي قائمة مرشحة للسباق الانتخابي على الأقل على 30% من الجنس اللطيف، وقيّد المشرّع ذلك بعقوبات صارمة لكل جهة سياسية لا تحترم القانون بإلغاء القائمة الانتخابية! ولم يكتف المشرّع بذلك، بل ضمن حتى النجاح للنساء في مذيلة الترتيب.

وقد امتنع العديد من الأحزاب السياسية عن التصويت عن هذا القانون، غير أنه مرّ بأغلبية الأصوات التي يشكلها حزبا السلطة (التجمع الوطني الديمقراطي وحزب جبهة التحرير الوطني).

ويرى المراقبون اليوم، أن هذا القانون جاء لتمييع اللعبة السياسية، بفرض ثلث البرلمان من النساء بقوة التشريع، وتحييد الأحزاب المتوسطة والصغيرة عن خوض الغمار الانتخابي لعجزها عن توفير 30 بالمئة من المرشحين من فئة النساء!

مخالفة الدستور

غير أن العديد من الخبراء، يرون القانون في حدّ ذاته مخالفا للدستور الجزائري الذي ينص على عدم التمييز بين المواطنين الجزائريين على أساس ديني أو عرقي أو فئوي أو جنسي.

من جهة أخرى، تتوفر السلطة على المئات من المناصب السياسية التنفيذية والإدارية، معينة من طرف رئيس الجمهورية أو ولاة الجمهورية. فطاقم وزاري يضم أزيد من 30 وزيرا، و48 واليا في كل ولايات الوطن (المحافظات) والمئات من الأمناء في البلديات. غير أن السلطة في الجزائر لم تخصص أزيد من 3 في المائة فقط في هذه المناصب للنساء! وهو ما جعل المتتبع للشأن السياسي في الجزائر يتساءل ما مدى صدقية قانون الانتخابات الجديد، هل جاء فعلا لتمثيل أوسع للنساء؟ أم أنه لا يعدو أن يكون مجرد حصان طروادة أنثوي لبسط سيطرة أوسع على ممثلي الشعب؟